بلاغي إلى السيد المستشار محمد شوقي، النائب العام عنا.. نحن الشعب المصري المُعلن بالقرارات، الممنوع من اعتراض أو اطلاع.. نناشد معاليكم اعادة فتح التحقيق في أسباب غرق عشرات المواطنين مؤخرا على شواطئ مصايفنا من بلطيم لمطروح.. وحصر الخسائر بشرية ومادية.. ومعاينة التزام الشركات المنفذة لمشروعات التطوير الاستثماري لضوابط حماية طبيعة التضاريس البحرية.. هل التزمت قبل الهدم والبناء ( ممشى او جزر صناعية) بتنفيذ الاجراءات الاحترازية المانعة لاضطراب الأمواج وتراكم طاقتها لتتوحش!! ترتفع أمتارا وتلتهم الشاطيء والأرواح في حركة مد وجزر عنيفة؟ البحر كائن طبيعي تتأثر أمواجه بحركة الرياح والمناخ، ولا تتوحش إلا إذا تصادمت مع جسم دخيل، مثل مصطدات خرسانية.. انضرب المصيف، وارتفعت إشارات مرور وصفارات إنذار، ومحاضر تحقيق تنفي وجود شبهة جنائية!! ومذيعو إعلامنا الرسمى – التليفزيون - ينعون الضحايا بالماكياح، لأنه لا راد لقضاء الله المقسوم!!
ونناشد معاليك طلب دراسة جدوى تراثية عن مشروع ممشى كورنيش المعادي.. وليفتنا خبراء حفظ آثارنا عن التوابع المادية والنفسية والجمالية، لترقيع الثوب الحجري القديم لكورنيش المعادي، بالخرسانة المسلحة!! وعن كتم أنفاس نهر النيل، عن تنقيبه بصفوف دكاكين ومطاعم زجاجية!! ومخاطر لا تحتاج خبيرا تتعرض لها أساسات ومبان كنيسة العذراء الأثرية حاليا.. دقات الحفار الآلي في الأرض الملاصقة لسور الكنيسة والتي آلت للمسطحات المائية هي خناجر!! خناجر تؤسس بداية ممشى الكورنيش!! .. هذه الكنيسة هى التوثيق التاريخي المادي لهروب العائلة المقدسة من فلسطين هربا من اضطهاد الرومان ولجوئها إلى مصر.. زيارتها حققت نبوءة "مبارك شعبي مصر" في العهد القديم قبل ميلاد الطفل يسوع بمئات السنين.. آثار الثلاث أديان في مصر هي هويتنا وثروتنا وملامحنا وسر تميزنا بنقاء العرق.. آثارنا من الهرم للمقابر هي متحف حضاراتنا الطبيعي بطول النيل.. غزل منسوج به كل حي ومدينة ومحافظة في مصر.. الآثار الغارقة دليل إدانة لا نتمناه.. وسلامة كنيسة تعيش على سطح النيل هي أمن قومي.
أعلنت الحكومة أن سبب اغلاق الشواطيء هو اضطراب حركة الأمواج.. فهل تم تقنين أفراح الاستثمار، أو نفي شبهة الاهمال وإعلان براءة أعمال التطوير.. والظرف الاقتصادي حاليا ينافي رفاهية المماشي!
سيادة النائب العام.. الغرق الجماعي في أبو تلات هذا الاسبوع، انتهي بانتفاء الشبهة الجنائية!! لأن النيابة كانت تستف أوراق القضاء والقدر للتصريح بالدفن!! وأتساءل، ألا يثير تشرس الأمواج أي شبهات!! وهل الإعلان الرسمي للحكومة باضطراب البحر نفسيا!! يعني إلقاء المسئولية الجنائية في ملعب القدر!! حجب الإحصائيات لإعلان غرق العوم في المصايف مسؤولية المواطن!!
خلاف تيمور غريق رأس الحكمة.. إليكم نشرة اخبار عموم الضحايا، المئة مليون مصري، أفواج مصايف على قد إيد.. العشمانين ببلبطة على الشط، لمة تحت شمسية، سندوتشات بيتى، فرسكا .. وعيال بتبنى قصورها رمل في نقحة الشمس وعارفة أنها هتغرق.. وصورة حلوة على الموبايل زاد مستقبل وزواد ذكريات.
سيادة النائب العام خبرنا الله يرضيك.. قل إن القدر مظلوم.. وأن استثمار الشوارع كان وزة شيطان رأسمالي.. كل ما ينجح يتفجع!! حتى وصل المعادي بالمناشير وسيارات تكريم الشجر.. هو موجود حاليا على الكورنيش، لعابه سايل لالتهام كينونة المعادى وفض خصوصية مزاجها ومناخها وطبيعتها.. أصابه نهم من ابتلاع عوامات سكنية كان فاكر أن السينما حامياها.. لأنه كاره للفن، والعوامات كانت عاشقة للنيل.. حارسهم كورنيش، حاضنهم ومضلل بشجر عامل للنيل ناموسية.. عناصر لوحة مصرية أصيلة يحلم رينوار برسمها، لكن يخاف أن يزعج هيام الفلوكة بوداعة النيل، مش حافظ أغانينا، ولا داق أفراحنا.. لكن يقدر يرقص مع ريشته على إيقاعها.
لماذا أكتب !! لأن المحكمة الدستورية العليا المهيبة ساكنة المعادي، هي شاهد ملاصق للنيل.. سامعة صوت الحفار الملاصق للكنيسة وأكيد بترتجف.. وأكيد عاملة حساب وخاطر لمجمع الأديان وأثار مصر القديمة لأنهم في ضهرها.
ممكن أهمس.. أحنن قلب لجان التطوير الاستثماري..أرجوكم دعوا الماضي يعطر الحاضر، ويشحن المستقبل طاقة رجاء.. اتركوا آثارنا كامنة صامدة حكاءة.. زخرفوا مدنكم البعيدة بمحلات وكافيهات سياحية أوروبية.. قهاوينا اللي شبهنا برقبتها لأنها بتحس وليها ريحة.. سيبونا تذكار على أحجار.. يزوروه أحفادنا كل سنة مرة يفتكروا ويشبعوا.. تزيد جينات طولهم لما يعرفوا همه مين، ومطلوب منهم إيه ويحبوا مصرنا.. ترويهم حكايات كنايسها وجوامعها ومعابد اليهود والأزهر والموسكي والعتبة وعمارات الخديوى وسينمات وسط البلد وقلعة صلاح الدين، ودخانيق الدرب الأحمر وسط أنقاض قصورها، ودكاكين أزقتها الأصغر من علبة الكبريت لكن عمرانة بالمهم فقط، الود والزيت والدقيق.. يصيفوا في عشش رأس البر ومطروح، وفي الشاطبي وميامي وسيدى بشر، وما يغرقوش.. أمواجها في استقبالهم، فارشة لهم سجاجيد بشراشيب بيضا على الشط ، وبتسحبها بشويش.. ترجع تغطيهم لما تلسعهم الشمس بموجة شقية.. يغسلهم المالح، ويرفع اليود مناعتهم.. تفرح قلوبهم ، يتحرروا، يغنوا بسرسعة، ويرسموا أساميهم على الرمل قبل كراريس المدرسة.. يرجعوا أطفال طبيعيين.. ده بس حلمنا.. ممكن!
---------------------------
بقلم: منى ثابت
